الجمعة، 12 أكتوبر 2018



درس في الحق و الواجب و العدل



المادة : فلسفة
النشاط : درس نظري
                                                  الحق و الواجب و العدل
أ/ـ الوضعية المشكلة:
ـ تأمل الحوار التالي الذي دار بين أب و إبنه
الأب: يا بني اخفض من صوت المذياع لأنك بهذا تؤذي جارنا
الابن: لكن يا أبي أليس من حقي سماع صوت المذياع كما أشاء؟
الأب:ولكن أين حق الجار هنا؟ فمن واجبك احترام.
الابن: أفهم من قولك أنه ينبغي أداء الواجب ثم المطالبة بالحقوق
الأب:نعم
الابن: لكن لماذا أنتظر حتى تؤدى حقوقي؟ منه أقوم بواجبي.
ـ  تدل الوضعية على وجود حوار بين الأب و ابنه حول موضوع الحقوق و الواجبات .
كان رأي الأب أن الواجب أسبق من الحق ، أما رأي الابن فهو أن الحقوق أسبق من الواجبات .
إذن من أجل إبداء الرأي ينبغي طرح الأسئلة التالية :
1/ـ ما مفهوم الحق و الواجب و العدل ؟
2/ـ ما هي أنواع الحقوق و الواجبات ؟ ومن هو الأسبق الحق أم الواجب؟
*وهل تحقيق العدالة يكمن في المساوات أم في التفاوت؟
أ/ـ عناصر الدرس: 1/ـ مفهوم العدل و صلته بالحق و الواجبات
أ/ـ مفهوم العدل :يعرف العدل بأنه إعطاء لكل حق حقه .
لهذا فالعدل قيمة أخلاقية يقوم على تحديد المبادئ و القواعد العامة للإعتدال و التوازن و الاستقامة على مستوى الأفراد و الجماعة .
و العدالة في جوهرها و صورتها النهائية حق وواجب لأن امتلاك الحقوق و أداء الةاجبات يمثل جوهر العدالة و صورتها العملية التطبيقية .
ب/ـ الحق :
ـ 1/ـ لغة : و هو الأمر الثابت الذي لا يمكن إنكاره.
2/ـ إصطلاحا : و هو مجموع ما يخوله القانون للفرد من مكاسب مادية و معنوية و يمكنه الدفاع عنها و المطالبة بها .
/ـ أنواع الحقوق:
أ/ـ الحقوق الطبيعية : و هي الحقوق اللازمة للإنسان من حيث هو الإنسان ، وهي حقوق تتميز بالثبات و العمومية كالحق في الحياة و التفكير و العدل....إلخ.
وهذه الحقوق الطبيعية هي أصل كل الحقوق لأنها حقوق ذاتية تعمل على حمايتها كل القوانين الشرعية و الموضوعية بدون إستثناء .
ب/ـ الحقوق المدنية: و هي الحقوق التي تظهر في المدينة ، وما تتميز به من تداخل العلاقات و تشابك المصالح و الوظائف الاجتماعية و هذا يقتتضي وضع قوانين تنظم شؤون الجماعة وتسير أمورها مثل : (حق التعلم ، الحق في العمل ، الحق في الملكية ...................الخ). وهذه الحقوق المدنية تعتبر حقوق مرنة و غير ثابتة تساير الأوضاع و الظروف الاجتماعية و المتغيرة و تتكيف معها و هي امتداد للحقوق الطبيعية .
*العلاقة التداخلية بين الحقوق الطبيعية والحقوق المدنية هي أن الأولى أصل و الثانية فرع ، بمعنى أن الحقوق المدنية امتداد  و مستخلصة من الحقوق الطبيعية .
*بين حقوق الفرد و المجتمع : يرى أصحاب النزعة الفردية أن الحقوق الفردية أسبق من الجماعية لأن وجود الفرد أسبق من وجود الجماعة ومن هنا كان أساس الحقوق غايتها هو الفرد ، وما الجماعة إلا مجرد تنظيم للعلاقات يسمح بممارسة الحقوق و توجيهها دون طغيان أو تعدي.
*حقوق الجماعة: يرى أصحاب النزعة الاجتماعية أن الحقوق ليست من عمل الأفراد بل الجماعات لأن الحقوق مرتبطة بالمجتمع و التنظيم الاجتماعي ، لهذا نجد لكل مجتمع حقوقه و قوانينه التي تنظم علاقاته بين أفراده ، كما أن الحقوق مرتبطة بالقانون و القانون من وضع الجماعة لتراعي به مصالحها .
النتيجة: المشكلة بين النزعتين الفردية و الاجتماعية تقبل الموقفين معا ، لان الحقوق مصدرها فردي و ممارستها أمر اجتماعي فمثلا حق الملكية حق فردي لكن يكفله المجتمع.
مفهوم الواجب:
لغة : اللازم و الضروري .
اصطلاحا: وهو إلزام محدد يتعلق بموقف إنساني أو ظروف اجتماعية معينة كواجب الموظف على أداء عمله .
*أنواع الواجبات:
أ/ـ الواجب الأخلاقي: و هو مجموعة الإلزامات الوجدانية النابعة من ضمائرنا وهي مبنية على فكرة الخير و الشر كمعاني أخلاقية تحدد ما يجب فعله أو اجتنابه مثل الإحسان و هو بذل النفس و العفة .
ب/ـ الواجب القانوني: و يتمثل في مجموع الواجبات و الإلزامات المفروضة علينا و الملزمة لنا بتشريع صحيح تضعه السلطة الاجتماعية  أو السلطة الإلهية لتحقيق المصلحة العامة فإذن فهي واجبات تخضع لضوابط و قواعد قانونية تحدد الواجبات ومن تقع عليه .
*بين أولوية الحق و الواجب:
أ/ـ الحق أسبق من الواجب: إن تطبيق العدالة وممارستها والتعبير عنها والشعوربها من طرف الأفراد في الواقع لا يكون إلا من خلال تقديم الحقوق و المكاسب لكل فرد على الواجبات التي يلتزمون بها لأن الحقوق مرتبطة بالوجود الإنساني و هي ملازمة للطبيعة البشرية كالحق في الحياة و التفكير ..........الخ  وهي حقوق لا تستقيم حياة الإنسان إلا بها .
لهذا يؤكد فلاسفة القانون الطبيعي أو أنصار النزعة الإنسانية و فلاسفة التنوير أمثال :"جون جاك روسو" و "جون لوك" أن العدالة الاجتماعية تقتضي تقديم الحق (الطبيعي) و أن سلطة الدولة مقيدة بضمان حقوق الأفراد كما أن الثورتين الفرنسية و الأمريكية قامتا على مبادئ حقوقية وهو ما أثمر ظهور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تقول مادته الأولى :(يولد جميع الناس أحرارا و متساوين في الكرامة و الحقوق ، وقد وهبوا العقل و الضمير، و عليهو أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء)
النقد: *لكن تأسيس العدالة بإقرار الحقوق أولا يفتح الباب أمام ظهور نزوات الأنانية و إرضاء الميول الغريزية و إلى إخلال التوازن العام للحياة .
ب/ـ الواجب أسبق من الحق : فالواجب هو معيار العدالة لأن الواجب مطلب عقلي يقتضيه العقل و ضرورة عقلية تتجاوز منطق المصلحة و المنفعة و الذاتية إلى مستوى الالتزام بالقانون و ما يفرضه من تضحية للحقوق فمثاله الجندي الذي يقدم حياته فداءا للوطن بدافع الواجب دون النظر إلى فقدانه لأهم حقوقه ألا وهو الحق في الحياة و إتقان العمل واجب دون النظر إلى الأجر و الثناء من أحد كما أكد على ذلك الفيلسوف : "إيمانويل كانط" كما رأى :"أوغست كونت" أنه يمكن الاستغناء عن فكرة الحقوق و الاكتفاء بالواجبات لأنها متضمنة فيها ،فحقوق شخص ما هي ليست واجبات شخص آخر ،ولو قام الجميع بواجباته نحو غيره لتحققت حقوق الجميع .
النقد: غير أن هذا المبدأ الذي يؤسس العدالة على مبدأ الواجبات فقط يجعل من العدالة عرجاء و يسيئ إلى الحياة الاجتماعية لأنه يصير ذريعة للظلم و الإستغلال باسم الواجبات .
النتيجة: العدالة المثلى تتأسس على إقرار التعادل و التوازن بين الحقوق و الواجبات .
*هل تأسس العدالة على المساواة أم التفاوت؟
أ/ـالعدالة في المساواة: يرى أنصار المساواة أن العدالة تتأسس على مبدأ المساواة فبدونها يشيع الظلم و التمييز و الاستغلال و عدم التوازن ، و هذا ما دافع عنه فلاسفة التنوير و أصحاب الفلسفة الماركسية الاشتراكية ، لهذا يؤكد فلاسفة القانون الطبيعي أن قرار مبدأ المساواة إنما تقتضيه الطبيعة المشتركة لكل فرد مع غيره و قد قال قديما الخطيب اليوناني: "شيشرون" ( الناس سواء بسواء ، وليس شيء أشبه بشيء من الإنسان بالإنسان ، لنا جميع عقل و لنا حواس و إن اختلفنا في العلم ) ويقول:   "أميل شارتي" ( العدالة هي معاملة الناس بالمساواة) و في هذا الإطار يقول: "آلان" ( لقد ابتكر الحق ضد اللاّمساواة ، والقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية.......أما أولئك الذين يقولون إن اللاّمساواة هي من طبيعة الأشياء فهم يقولون قولا بئيسا ) و يقول أيضا المفكر الأمريكي: "توماس جيفرسون" ( إن جميع الناس قد خلقوا متساوين) لهذا يؤكد أنصار المساواة أن الحديث عن التفاوت كمبدأ للعدالة لهو تكريس للظلم و الطبقية التي سادت عصور الظلام .
النقد: غير أن أنصار المساواة أهملوا دور الفروق الفردية و هذا يتعارض مع الطبيعة البشرية ، لأن الأفراد يتفاوتون في القدرات و المواهب مما يقتضي إقرار التفاوت بينهم .
ب/ـ العدالة في التفاوت: يرى أنصار التفاوت أن العدالة تقوم على مبدأ التفاوت لأنه قانون تقتضيه الطبيعة البشرية .
الأفراد غير متساوين من حيث القدرات و المواهب و الاستعدادات لهذا حاول الكثير من المفكرين و الفلاسفة تبرير هذا المبأ و الدفاع عنه فمثلا : "أفلاطون" أسس العدالة الاجتماعية على أساس التمايز الطبقي الموضوعي و لكي تبرز العدالة وجب على كل فرد أن يلتزم بطبقته التي ينتمي إليها ، كما يؤكد : "أرسطو" أن العدل الحقيقي يكمن في وضع كل فرد في مكانه اللائق به و هذا يقتضي إقرار التفاوت و الاعتراف به ، كما نجد في الفلسفة الحديثة الفيلسوف الألماني : "نيتشه" الذي يؤكد على أن التفاوت حقيقة واقعة وجب الاعتراف بها و العمل على أساسها ، كما سعى في تقسيم المجتمع إلى طبقتين : طبقة السادة ، و طبقة العبيد و اعتبر : "ماكس شيلر" التفاوت مقياس العدالة و أساسها حيث يقول: ( إن المطالبة بالمساواة المطلقة هي عدالة جائرة ) لأن وراء هذه المطالبة بالمساواة كراهية و حقد و غيرة و رغبة دفينة في خفض نسبة الأفراد المتميزين إلى مستوى الأشخاص الذين هم في أسفل السلم .
النقد: غير أنه لا يمكن اعتبار كل تفاوت عدل لأنه قد يكون هذا المبدأ مطية و ذريعة لتكريس الظلم و الاستغلال و الطبقية بدون وجه حق بدعوى إقرار التفاوت .
النتيجة : 3/ـ النظرية الإسلامية : *فالعدل ليس مساواة مطلقة بين جميع الناس ، لأن هناك فروق فردية لا بد من احترامها ، وليس تفاوتا مطلقا  حتى لا يكون مطية للإستغلال و عدم احترام كرامة الإنسان لذلك كان لا بد من التأسيس لعدالة تجاوز بين المساواة و التفاوت .
و قد عبّر عن ذلك المفكر المصري : زكي نجيب محمود" من خلال وصفه للقواعد التي من شأنها أن تكفل العدالة للجميع :
أ/ـ مجال الحقوق : بحيث يعطى لكل ذي حق حقه .
ب/ـ مجال القدرات : و تراعى فيها الجدارة و الكفاءة و الجهد و لكل بحسب استحقاقه و قدرته .
ج/ـمجال الحاجات الاجتماعية :  و تراعى فيه المطالب الضرورية للأفراد و ما يحتاجون إليه .
فيكون بذلك التوزيع انطلاقا من الاستحقاق و الاحتياج.
الخاتمة : العدل فضيلة أخلاقية مثالية ، ولا يظهر هذا العدل ممارسة و لا تطبيقا إلا من خلال مراعاة التوازن و التعادل بين الحقوق و الواجبات و بين المساواة و التفاوت .

إنتهى:             بالتوفيق للجميع 







درس في الأخلاق بين النسبي و المطلق



المادة : فلسفة
الموضوع : درس نظري
المشكلة : الأخلاق بين النسبي و المطلق
أ الوضعية المشكلة : تأمل الحوار التالي الذي دار بين أستاذ الفلسفة وطالبه.
الطالب : لماذا ندرس الأخلاق و نحن نعرف أن الصدق هو الصدق و الكذب هو الكذب و العدل هو العدل ؟
الأستاذ : ألا ترى نمط العيش تغير ، ووسائل الإتصال تغيرت وكل شيء في الحياة تغير فكذلك الأخلاق و الطباع تتغير لا محالة .
الطالب : أفهم من قولك أن الأخلاق متغيرة و نسبية ، و ليست مطلقة وثابتة !
 الأستاذ : ولكن الموضوع يحتاج إلى الكثير من البحث و الدراسة .
التعليمة : ما رأيك ؟
أ/ـ تحليل الوضعية : تدل الوضعية التي بين الطالب و أستاذه حول مشكلة الأخلاق ، وكان رأي الطالب أنها ثابتة و مطلقة ، وكان رأي الأستاذ أنها متغيرة ونسبية ، إذن من أجل إبراز الرأي من هذه الوضعية يجب طرح الأسئلة التالية :
ـ ما مفهوم الأخلاق ؟
ـ ما طبيعة الأخلاق يا ترى متغيرة أم نسبية ؟
ـ ما هو مصدر الأخلاق ؟
ب/ـ عناصر الدرس :
1/ـ مفهوم القيمة :
لغة : القيمة ، قيمة الشيء أي قدره وثمنه .
إصطلاحا : هي الصفة التي تجعل من الشيء مرغوبا فيه .
2/ـ مفهوم الأخلاق :
لغة : هو السجية و المروءة و العادة والدين .
إصطلاحا : هي مجموعة من القواعد و المبادئ التي تحدد ما يجب أن يكون عليه السلوك ، و على أساسها يكون مقبولا أو مرفوضا .
/ـ أسس الأخلاق المطلقة :
أ/ـ النظرية الدينية : يمكن القول في البداية أن الأخلاق جزء جوهري في الدين ، و الصلة بينهما وثيقة جدا ، ذلك لأننا نتعلم القيم الأخلاقية ونمارسها منذ طفولتنا من خلال الدين نفسه ، و الإسلام كدين ليس بغريب عن هذا المبدأ بل يمثل جوهره وحقيقته لهذا لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن سبب بعثته للناس كرسول فأجاب : {إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق } فلا توجد قيم دينية لا تعبر عن قيم أخلاقية ، لهذا يقول المفكر :"عمار طالبي" (إن الدين كتشريع سماوي مقدس يدعو إلى الحق في الاعتقاد ، ويوجه إلى الخير في السلوك و المعاملات و يشكل بعدا أخلاقيا يحدد المبادئ و المعاملات الأخلاقية ، ويوضح كيفية تقويم أفعالنا الخلقية وفق قيم العمل بالخير و الفضيلة و الانتهاء عن الشر و الرذيلة ، فمعيار الأخلاق إذا : هو أننا عندما نفعل فعلا ينبغي أن يكون مطابقا لما أراده الله أمرا و نهيا ).
لكن السؤال المطروح هنا : هل الأفعال الأخلاقية خير لأن الله أمر بها ، أو أن الله أمر بها لأنها خير في ذاتها ؟
ب/ـ المعتزلة : ترى المعتزلة و هي فرقة كلامية إسلامية أسسها : "واصل ابن عطاء" أن الخير و الشر ذاتيان في الأفعال و الإنسان يدركها بعقله ، أما الشرع فهو مخير ومؤيد لحكم الفعل و مثبت لها ، فكل ما يأمر به العقل فهو خير ، وكل ما ينهى عنه فهو شر ، و العقل كاشف لما هو في طبيعة الأفعال بما هو حسن و قبيح و الشرع يأتي بعد ذلك مقررا و مؤيدا لما يصل إليه العقل من أحكام ، والدليل الذي صاغه أصحاب الإعتزال أن الناس قبل وجود الأديان كانوا يتحاكمون إلى العقل و يهزم الفريق خصمه بما يدل عليه العقل و كذلك لو لم يكن في الإفعال حسن أو قبيح لعجزت الرسل عن الدعوة لأنهم يطالبون الناس إلى النظم للأشياء في عقولهم و النصوص القرآنية شاهدة على ذلك ، بما أن المعتزلة يذهبون لأكثر من ذلك حيث يقررون أن الإنسان مسؤول عن أفعاله حتى ولم تبلغه دعوة الرسل ، و إنما يكون تكليه عن طريق العقل الذي يهديه إلى مكارم الأخلاق .
النقد :
العقل ليس ملكة مطلقة فقد يصيب و يخطئ و هو قاصر وعاجز عن إدراك بعض الأمور ، كما أن أصحاب هذه النظرية استبعدوا دور الطبيعة البشرية و المجتمع في تأسيس القيمة الخلقية و قللوا من شأن الشرع .
ج/ـ الأشاعرة  (أسست للأخلاق النسبية ):
ترى فرقة الأشاعرة و هي فرقة كلامية أسسها : "أبو الحسن الأشعري" أن الفعل الحسن هو أمر الله به أثنى على فاعله ، و القبيح ما نهى عنه و ذم فاعله ، والشرع لا يمدح و لا يذم الأشياء لما فيها من حسن وقبح ذاتيين بل الحسن و القبيح تابعين لأمر الشرع و نهيه ، فلو أمر بالكذب لأصبح حسنا و خيرا ولو نهى عن الصدق لأصبح قبيحا و شرا غير أن عدالة الله عز وجل لم يأمر إلا بالحسن و لم ينهى إلا عن القبيح لأن الخير و الشر لو كانا ذاتيين لكانا مطلقين في حين أن الواقع يثبت عكس ذلك فالفعل قد يكون حسنا في مواضع و قبيحا في مواضع أخرى ، فكل ما يأمر به الله فهو خير و كل ما ينهى عنه فهو شر يقول :"أبو حسن الأشعري" (إن الخير و الشر بقضاء الله و قدرته).
النقد :
هذه النظرية أهملت دورالعقل و الطبيعة البشرية و المجتمع مع أن الواقع يؤكد على أن الاطر ساهمت في ذلك .
د/ـ النظرية العقلية : يرى بعض الفلاسفة العقليون أن العقل مصدر القيم الخلقية ومن بينهم : "سقراط" الذي كان يقول : (الفضيلة علم و الرذيلة جهل ) أي أن مصدر الفضيلة و الخير الأسمى هو العقل ، كما نجد الفيلسوف الألماني : "إيمانويل كانط" الذي يرى أن الطبيعة البشرية هي مصدر الخطيئة و الشرور ، لهذا هاجم "كانط" الأخلاق القائمة على المنفعة و اللذة وردها إلى العقل أو الضمير الأخلاقي على مبدأ الواجب الذي يعد حسبه أمرا إلزاميا صادرا من العقل الفصلي (الضمير الأخلاقي) فهو يقوم على الإرادة الخيّرة ، فالأولى أن نقوم بالأشياء لذاتها وما يمليه الواجب اتجاهها و لا ينظر إليها (كغاية) كوسيلة لتحقيق غاية لأننا إذا استعملنا الأخلاق كوسيلة فلا نسلم من إقحامها في باب الغرائز و المنافع ، لهذا يرى كانط وضع مجموعة القواعد لضبط الواجب الأخلاقي و هي كما يلي :
أ/ـ قاعدة التقييم :   يقول "كانط" :(افعل على نحو ما يصبح فيه مبدأ عملك قانونا عاما)
ب/ـ  قاعدة الغائية: يقول"كانط"( اعمل على نحو ما تعتبر فيه الإنسانية ماثلة في نفسه و في الآخرين غاية لا وسيلة ).
ج/ـ قاعدة الحرية أو الإستقلال الذاتي : يقول "كانط"L اعمل على نحو ما تعتبر فيه عملك العقلي مشرعا و إرادتك الخيّرة منفذا بين أناس عقلاء و أحرار ).
ومن هنا كانت الأخلاق الكانطية أخلاقا سامية ، غاية في الصورية و التجريد و معبرة عن إرادة الإنسان الحرة ، و المتجهة نحو الخير في ذاته بعيدا عن كل السلطة إلا سلطة الضمير الأخلاقي .
النقد: أهمل صاحب هذه النظرية الواقع بحيث أنه فصل بين النية و نتائج الفعل ولهذا وصفت أخلاقه بالصورية و البعيدة كل البعد عن الواقع كما أن النية الطيبة ليست معيار الخيرية ، فكم من الناس نيتهم طيبة لكنهم يسيئون التصرف فالعبرة بالخواتيم .
أساس الأخلاق النسبية : نظرية اللذة : يؤكد أصحاب هذه النظرية أن السعادة هي الغاية التي ينشدها الإنسان و لا تحصل هذه السعادة و لا تتحقق إلا بتحصيل اللذات و الخلو من الألم من هنا كانت اللذة هي الخير و الفضيلة و الألم هو الشر و الرذيلة لذلك فعلى الإنسان أن يطلب أكبر قدر من اللذة و أن يسعى و يجتهد في الوصول إليها و من أشهر رواد هذا المذهب الأخلاقي : "أبيقور" و "أرستيب" يقول: "أبيقور" (إن السعادة أو اللذة هي غاية الإنسان و لا خير في الحياة إلا اللذة و لا شر إلا الألم و ليست الغاية الأخلاقية إلا العمل لتحصيل السعادة وليس للفضيلة قيمة ذاتية إنما قيمتها في اللذة التي تصحبها).
كما يؤكد : "أبيقور" على أن اللذة العقلية و الروحية أهم من اللذة البدنية و أن خير لذة تطلق هي لذة طمأنينة العقل و راحة النفس و الابتعاد عن ما يسبب القلق و الألم  .
النقد : لكن مبدأ اللذة أناني و شخصي لأنه يؤدي إلى اختلاف الناس في تحكيمه ، فليس كل لذة خير و ليس كل ألم هو شر كما أن ربط الأخلاق باللذة هو انتقاص من قيمتها و سموها و قدسيتها .
2/ـ نظرية المنفعة : وقد أسس هذا المبدأ الأخلاقي الفيلسوف الإنجليزي : "جيريمي بنتام" و جوهره : أن العقل الخلقي معياره تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر قدر ممكن من الناس ، أي تحقيق المصلحة الجماعية ، فالخير حسب : "بنتام" إن كان نافعا لنا فبضّرورة نافع لغيرنا و العكس صحيح و ذلك أن المنافع إذا اتحدت شروطها كانت واحدة بالنسبة للجميع .
النقد : لكن هل يمكن أن تتوافق المنافع لدى أفراد المجتمع بطريقة عفوية مع أن الواقع يثبت تضارب المنافع و تصادمها مع الأفراد ، فما هو منفعة لي قد يكون مضرة لغيري .
3/ـ النظرية الوجودية : نجد من الاتجاهات الحديثة التي تؤسس لنسبية الأخلاق الفلسفة الوجودية : "سارتر" الذي يرى أن الحرية هي الأساس الوحيد للقيم و لا يوجد شيء ثابت يبرر قبولي لذلك السلوك أو ذاك ، فكل إنسان بنفسه لنفسه ما يشاء من القيم الأخلاقية فيقول : "سارتر" ( أنا وحدي الذي أقرر الخير و أصنع الشر ) .
النقد : لكن قيام الأخلاق على أساس الحرية فيه الكثير من الخطر لأن الحرية في ذاتها مفهوم غامض من حيث التطبيق كما أن الإنسان قد يخطىء في كثيرمن إختياراته .
4/ـ نظرية المجتمع : يؤكد أصحاب النظرية الإجتماعية وعلى رأسهم : "اميل دوركايم" أن الإنسان حيوان اجتماعي و أكثر قابلية للاجتماع ، من هنا كان المجتمع صاحب الدور الأساسي و المصدر الجوهري في تكوين حياة الأفراد الذهنية والنفسية ، والجمالية و الأخلاقية والدينية وبناء على هذا كانت القيم الأخلاقية وقائع اجتماعية مصدرها المجتمع لهذا يؤكد الاجتماعيون أن الأخلاق تبدأ من حيث التعلق بالجماعة و يأتي اكتسابها عن طريق التربية و التنشئة الاجتماعية التي تمنحه المبادئ و المشاعر الأخلاقية التي يتمسك بها و يعتمد عليها في سلوكه لهذا تؤسس النظرية الاجتماعية لنسبية الأخلاق وذلك تبعا لتغير المجتمعات و كذلك انطلاقا من قول :"دور كايم" (لكل مجتمع أخلاقه) ويقول أيضا : (حيث يتكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم فينا )
النقد: غير أن كل ما يأمر به المجتمع ليس دائما خيرا و أن ما ينهى عنه ليس دائما شرا .
*/ـ الخاتمة : (الاستنتاج)(الأخلاق بين الثوابت و المتغيرات) :نستنتج من كل ما سبق أن الأخلاق ثابتة و مطلقة في مبادئها و أهدافها ، ولكنها متغيرة و نسبية و متطورة من حيث تطبيقاتها ،بمعنى أن الوسائل التي نسعى بها لتحقيق هذه المبادئ المطلقة قد تتغير بتغير الظروف و الأحوال.
إنتهى: 

بالتوفيق للجميع.
درس في الذاكرة والخيال



المادة :فلسفة
النشاط : درس نظري
الموضوع : الذاكرة والخيال
ـ الوضعية المشكلة : تأمل الحوار التالي الذي دار بين المّكي وأستاذه .
الأستاذ: لماذا لا تحفظ دروسك عادة ؟
المّكي : بل أحفظها ولكنني كثير النسيان ، ربما اعاني من فقدان خلايا التذكر.
الأستاذ : لاأعتقد ذلك . بل الذاكرة مرتبطة بالشعور و النفس و هي حقيقتها حالة نفسية .
ـ فتدخل "عبدالقادر" في الحوار .
عبدالقادر: ولكن يا أستاذ قد قرأت في بعض الكتب أن الإنسان لا يتذكر إال الحالات التي عايشها في إطار المجتمع .
المّكي : ولكن يا أستاذ هل عليا حفظ الدرس كما هو أم أضيف له عناصر من إبداعي و تخيلي .
الأستاذ : إذا كان تخيلاً إبداعي فهو يستحق الثناء و غن كان غير ذلك فلا .
عبدالقادر : ولكن ياأستاذ في تلك الكتب التي قرأتها وجدت ان الخيال الإبداعي يرجع هو الآخر إلى المجتمع
الأستاذ : هذه الإشكالية ثانية بمعنى مصدرية الخيال الإبداعي بين الفرد و المجتمع .
ـ تحليل الوضعية :
تدل الوضعية على وجود حوار بين الاستاذ و طالبيه حول طبيعة الذاكرة .
ـ كان رأي المكي أن الذاكرة لها طبيعة مادية .
ـ كان رأي الاستاذ حول طبيعة الذاكرة نفسية ومعنوية .
ـ كان رأي عبدالقادر أن الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية .
ـ ثم إنتقل الحوار إلى منحنى آخر و نعني به الإبداع و التخيل فكان رأي عبدالقادر أن الغبداع مصدره المجتمع.
ـ وهذا ما يوحي أنه يوجد موقف يناقضها بمعنى إرجاع التخيل الإبداعي إلى شروط فردية .
ـ إذن من اجل إبداء رأي شخصي ينبغي طرح الاسئلة التالية :
1ـ ما مفهوم الذاكرة ؟
ـ ما هي أنواع الذاكرة ؟
ـ وما هي مراتب الذاكرة ؟
ـ وما طبيعة الذاكرة ؟ هل هي ذات طبيعة مادية أم معنوية أم ترجع إلى شروط غجتماعية ؟
ـ ما هو مفهوم الخيال ؟
ـ ما هي أنواع التخيل ؟
ـ وما مصدر التخيل الإبداعي هل يعود إلى طبيعة مادية أم معنوية أم إلى المجتمع ؟
/ـ عناصر الدرس :
ـ الذاكرة بين إسترجاع الماضي و التكيف مع الحاضر :
1/ـ تعريف الذاكرة : هي قدرة نفسية تتمثل في إعادة بناء حالة شعورية ماضية مع التعرف عليها من حيث هي كذلك ، و تقوم الذاكرة بعدة وظائف هي :
ت تثبيت و تخزين الذكريات .
ـ أي تخزين وحفظ المعلومات و المعارف و المهارات بمختلف أشكالها .
ـ التعرف على الخبرات : فالذاكرة تتعرف على موضوعات خبرتها وعناصرها ، وما يصحب ذلك من شعور بالألفة مع تلك الموضوعات .
ـ الإستدعاء: وهو عبارة عن قدرة الذاكرة على إستحضار فكرة أو خبر أو شيءٍ ما التي سبق و أن مر بها الفرد دون الحاجة إلى حضور هاته الاشياء الآن .
ـ إعادة بناء المواقف السابقة : أي عن طريق تذكر شيءٍ ما و ربطه بالموقف الذي أحدثه و إعادة إحيائه من جديد .
2/ـ أنواع الذاكرة :
أ/ـ الذاكرة العقلية : وهي الذاكرة التي تحفظ المعاني و الاحكام و التطورات و الأفكار ، وهي ما نسمّيها بذاكرة الإنتساب المعرفي و المعلوماتي الذي يتم عن طريق التعلم .
ب/ـ الذاكرة الإنفعالية :
و هي القدرة على تذكر الاحوال الإنفعالية السابقة و ما يصاحبها من شعور و إنطباعات نفسية كقدرة الإنسان على تذكر خوف قديم إعتراه في بعض ظروف حياته .
ج/ـ الذاكرة الحسية  :
وهي ما تستطيع تذكره عن طريق أداة حسية ما كالصور البصرية ، وتذكر النغمات الصوتية ، وتذكر رائحة الورود .
ـ إذن فالذاكرة كخبلاات ماضية بأنواعها المختلفة تدل على فكرة جوهرية ، هي أن الذاكرة وظيفة ضرورية لفهم الوضع الحاضر ومعرفته ووسيلة للتكيف مع مختلف ظروفه ، و إحداث توازن نفسي بين الفرد و بيئته .
3/ـ مراتب التذكر:
أ/ـ التذكر الإرادي :
ـ وهو تذكر منظم يتميز بتدخل الغفل و حضور الوعي ، وفعاليته في تمثيل الماضي و مراقبته ، و إختيار عناصره و هو يتطلب جهدا أكثر و تأملا أعمق و فهما أوضح .
ب/ـ التذكر العفوي : (التلقائي):
ـ وهو تذكر تلقائي لا عناء فيه ، أساسه إستدعاء الذكريات كإستجابة تكيفية آلية لظروف حاضرة ، مثل : تذكر الكيفية التي تتم بها الصلاة .
4/ـ هل يرجع التذكر إلى شروط فردية أم إجتماعية :
أ/ـ الموقف الأول : التذكر عملية فردية :
ـ النظرية المادية (البيولوجية ، العضوية ) :
ـ يرى أنصار النظرية المادية الذين من بينهم العالم الفيزيولوجي "ريبو"و الجراح الفرنسي"جورج بروكا"و الديكارتيون أن الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية و سكولوجية بالعرض ، وأن الذكريات ماهي إلا أثر تشكله الأحداث الماضية في الخلايا العصبية في المخ و الدليل على ذلك أن الذاكرة تتأثر بما يتأثر به المخ فالتجربة العلمية تؤكد أن فساد المخ أو أي صدمة يتعرض لها الدماغ تولد فقدان الذاكرة و هو ما يسمى بمرض"الأمنيزيا" لهذا يؤكد "ريبو" أن الذاكرة لا تختلف عن الظواهر الفيزيائية ، فكما أن الحديد يحمل معه قابلية الإنصهار فكذلك الذاكرة تحمل معها خاصية حفظ الذكريات و هذا ما ذهب إليه "إبن سينا" حين قال : (إن الذاكرة هي التجويف الأخير من الدماغ )و هذا ما يثبت و يجعل من الذاكرة ذات  طبيعية مادية بحتة .
ـ النقد :
ـ غير أن هاته النظرية واجهت إنتقادات عديدة منها أن الكثير من المصابين بالأمراض النفسية و العصبية تتأثر ذاكرتهم لكن خلاياهم الدماغية سليمة و في حالة طبيعية .
ـ النظرية النفسية (الشعورية ، المعنوية ):
ـ يعتقد أصحاب النظرية النفسية الذين من بينهم :"هنري برغسون"و "فرويد" ان الذاكرة ظاهرة نفسية فلا يمكن إرجاع الذاكرة إلى رسوم مطبوعة في خلايا المخ بل الذاكرة الحقة هي تلك المرتبطة بالحياة النفسية وقد بين:"برغسون" هذا في مثال و قال فيه : ( إني إذا أردت حفظ أبيات شعرية فعليا تكرارها حتى أستطيع قرائتها من دون خطأ، ثم إنني أستطيع أن أتذكر إثر كل قراءة ما أحدثه هذا الشعر فياّ من أحاسيس ، وهي صورة نفسية خالصة ) ، كما أن : "برغسون" قسم الذاكرة إلى ذاكرة حركية وهي ما نسميه بالعادة و ذاكرة نفسية هي ذاكرة حقة ، فإذا ما أصيب الدماغ بآفة فإنها تؤثر مباشرة على الذكريات الحركية النفسية لأن الذكريات في الفكر و ليس في الجسم .
ـ من هنا أمكن أن الذاكرة ذات طبيعة نفسية .
ـ النقد :
ـ غير أن هذا الموقف يؤخذ عليه إنكار و جود الذكريات في الخلايا العصبية ، كما أن أصحاب هاته النظرية أنكروا دور المجتمع في تكوين الذكريات .
ـ الذاكرة الإجتماعية : التذكر عملية إجتماعية :
ـ يؤكد أصحاب هذا الإتجاه أن الذاكرة من منبع المجتمع و الذين من بينهم : هالفلاكس" و "دوركايم" و "بياجانييه" و "جون دولاي" حيث رأى هؤلاء ان ذاكرتنا من صنع الآخرين ، فالإنسان أو الفرد إذا تذكر أمرا فإنه يتذكره داخل نطاق الأسرة أو المدرسة أو المهنة إضافة إلى أن الذاكرة مرتبطة باللّغة واللّغة هي من صنع المجتمع كما أن الأزمات الإجتماعية تؤثر على الذاكرة الفردية و كمثال على إجتماعية الذاكرة نذكر على سبيل المثال ثورة التحرير الجزائرية التي تعتبرها الأمة الجزائرية ذاكرة قوية لا ينبغي نسيانها .
ـ ومن هنا أمكن القول أن الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية .
ـ النقد :
ـ لكن لو سلمنل مطلقا بهذه النظرية لوجب علينا الإعتقاد بأن كل الذكريات التي يمتلكها فرد ما هي نفس الذكريات التي يمتلكها فرد آخر لإشتراكهما في المجتمع و هذا ما لم يبرهن نعليه الواقع .
النتيجة : الذاكرة أمر مركب لأنها في الواقع تتكون من ثلاثة عوامل نفسية و بيولوجية و إجتماعية مع تقدم العالم النفسي عليهما .
ـ هل يرجع إكتساب الذكريات إلى عوامل نفسية أم موضوعية:
أ/ـ العوامل الذاتية : وتشتمل ما يلي :
ـ العمر الزمني أو السني .
ـ دور الظروف الراهنة أو ما نسميه بالوضع الفيزيولوجي و النفسي و الإجتماعي .
ـدور الذكاء ة القدرات العقلية.
ـ تأثير الخبرة و الثقافة السابقة .
ـ الإستعداد أو الرغبة و الميل .
ب/ـ العوامل الموضوعية : وتشتمل ما يلي :
ـ التكرار أو العادة .
ـ توزيع التدريبات وفقا لتدريب الفواصل أو التدريب المنهجي .
ـ النغمة و التسميع .
ـ البساطة و الوضوح .
ـ الإنسجام و الإتساق .
ـ أمراض الذاكرة :
ـ ونقصد بها الأمراض التي تؤدي إلى عجز الذات في التعامل مع الخبرات و القدرة على التكيف الإيجابي ، ومن أشهر هاته الأمراض :
ـ إنحراف الذاكرة .
ـ فقدان الذاكرة .
ـ فرط التذكر .
ـ صعوبة التذكر .
ـ النسيان : هو العجز عن إسترجاع الخبرات أو هو عدم القدرة على إستعادة ما مضى من الذكريات .
ـ أبعاده :
أ/ـ نسيان سلبي :  وهو ما يتمثل في عجزنا عن إستحضار الأمور المهمة و التي ينبغي إستذكارها في مواقف معينة ، مثل : عجز الطالب عن إسترجاع الدرس في يوم الإمتحان .  أو نسيان موعد مهم مع أحد الأصدقاء .
ب/ـ نسيان إيجابي : وهو ضروري للذاكرة لأن الذاكرة لا تقدر على حفظ و إستعادة كل ما يحصله الإنسان ، وكذلك هو ضروري لتجاوز الأزمات التي مر بها الإنسان كفقدان شخص عزيز .
ـ لماذا ينسى الإنسان كثيرا مما تعلّمه؟
ـ الموقف الأول :  
النظرية النفسية :
ـ يعتقد "فرويد" رائد مدرسة التحليل النفسي أن النسيان حالة نفسية لا شعورية ، فالنسيان عند "فرويد" مرتبط بجنب الألم ، و المثال الذي أولاه "فرويد" عناية خاصة هي ظاهرة نسيان الأسماء فالةاحد ينسى إسم فرد معين و يقفز إلى ذهنه إسم آخر بديل عن الإسم المطلوب وهذا البديل لايأتي صدفة بل تكون له علاقة ما تربطه بالإسم المنسي ، هذا الأخير الذي قد يذكرنا بما يثير فينا الألم و نفس الإتجاه نحا نحوه : "هنري برغسون" الذي فسر أن النسيان حالة نفسية بدليل أن الذين يفقدون ذاكرتهم تجد أن سببهم تعرضهم لصدمات نفسية .
ـ النتيجة : من هنا يكون النسيان ذو طبيعة نفسية .
النقد :
لكن هذه النظرية جعلت من الإنسان دائم الهروب و العجز فليس كل نسيان هروب وعجز التكيف مع الواقع.
ت الموقف الثاني :
ـ النظرية البيولوجية :
ـ يرى أصحاب الموقف الثاني أن النسيان ذو طبيعة مادية لهذا يؤكد : "ريبو" أن النسيان راجع إلى ترك الإستعمال أي أن الشيء الذي نحمله ثم نتركه دون مراجعة يتعرض للنسيان ، و واضح أن هاته النظرية تجعل من الزمن مسئولا عن هذه الظاهرة فكلما طال الزمن صعب علينا تذكره و نظرية : "ريبر" في النسيان هي إمتداد لنظريته في تفسير طبيعة الذاكرة ، وهذا لأنه أرجع النسيان إلى زوال و تلاشي الآثار التي تركها التعلم في الجملة العصبية بسبب طول الزمن و عدم الإستعمال .
النقد :
صحيح أن عدم الإستعمال له تأثير على الذاكرة غير أننا لا نسلم بهذا المبدأ مطلقا لأننا أحيانا نستطيع تذكر ذكريات في الطفولة في حين نعجز عن تذكر حالات و ذكريات متأخرة جدا .
ـ النتيجة : ظاهرة النسيان يمكن إرجاعها إلى عوامل نفسية و عوامل بيولوجية في آن واحد.
///ـ الخيال :
أ/ـ مفهوم الخيال : هو قدرة نفسية تتمثل في إستحضار الصور ثم تركيبها تركيبا حرا .
كما عرفه : "إبن سينا" قدرة العقل على التصرف في الصور بالتركيب و التحليل ، و أيضا كما عرفه : "لالاند" ملكة تركيب شيء لا واقعي و لا موجود.
ـ إسترجاع التخيل و التذكر:
الفرق بين التخيل و التذكر في الإسترجاع هو أن التذكر إستدعاء للخبرة الشعورية كما هي بأحوالها و عناصرها ، أما الإسترجاع في التخيل فهو يتميز أنه حر في التصرف بتلك الخبرات .
ـ العلاقة بين التخيل و الإدراك :
العلاقة بينهما هو أن الإدراك مجموعة العمليات العقلية العليا المعقدة و الخيال هو واحد من تلك العمليات ، فالعلاقة بينهما كعلاقة الجزء بالكل كما أن الإدراك يعتبر مقدمة للتخيل فلا يوجد شيء في الخيال ما لم يكن موجود قبل في الإدراك .
ب/ـ أنواع التخيل :
1/ـ التخيل التمثيلي :هو إسترجاع لصور الأشياء التي طبعت في الذهن بصورة تلقائية مع وجود إضافات لتلك الصور ، أي قدرة الإنسان على التصرف في تلك الصور بالتركيب و التحليل .
2/ـ التخيل الإبداعي : هو عبارة عن إنشاء صور جديدة و تركيبها بأوجه لم تكن موجودة من قلب فهو تخيل خصب يتميز بالفعالية و القدرة على الإبتكار مثل : ( الرسام الذي يرسم صورة خيالية يراها في أعماق نفسه أو العالم الذي يبدع نظرية علمية )
3/ـ هل التخيل الإبداعي يرجع إلى شروط فردية أم إلى خصائص المجتمع :
أ/ـ النظرية الفردية :
ـ الموقف الأول : النظرية البيولوجية :
ـ يرى بعض المفكرين أن الإبداع يستند إلى عوامل بيولوجية بمعنى عرقية وراثية، ونقصد بها جملة الصفات الفيزيولوجية التي تتمتع بها بعض الشعوب ، وهذه النظرية سادت في أواخر القرن التاسع عشر ، والدليل الذي إستندت إليه هذه النظرية هو إختلاف العرق البشري ، وهذا ما تدل عليه تقاسيم الوجه و لون العينين و لون الشعر و طول القامة و العرق  الذي ينسب إلى الشعب الألماني و الذي عدّه الكثيرون أصفى العروق و أبلغها عبقرية لأنه يتميز بخصائص فيزيولوجية فريدة في نظر الباحثين العرقيين الذّين منبينهم :"أرنيست رينان" و"فيكتوركوزان"و"أدولف هتلر" وإستدلوا بذلك على أن أسرة الموسيقي الكبير الألماني (باخ) أنجبت 57 موسيقيا .
النتيجة : ومن هنا يمكن القول أن الإبداع يرجع إلى خصائص بيولوجية .
النقد:
لكن الدّراسات الحديثة في علم الوراثة و الأجناس أثبتت بطلان هاته النظرية بل أن هذه النظرية دعوة للتمييز العنصري .
ـ المقف الثاني : النظرية النفسية :
يرى الكثيرين من الباحثين وعلماء النفس الذين من بينهم : "هنري برغسون " أن الإبداع يرجع إلى شروط نفسية ، لأن الإبداع عملية عقلية تتمثل في قوة الملاحظة و خصوبة التخيل و قوة الذاكرة و تداعي الأفكار فعين الرسام تلاحظ ما لا يلاحظه الإنسان العادي ، وهذا ما وقع ل: "نيوتن" أثناء سقوط التفاحة كذلك : "فرانكلين" حين أهّلته عبقريته إلى إكتشاف علة الصاعقة على أساس مشاهدة الرعد و البرق بالكهرباء و كذلك الإبداع هو عملية إرادية فالمبدع يبذل جهدا فكريا يتمثل في حضور الإرادة القوية و كذلك هو عملية إنفعالية تتمثل في جملة الدوافع و الرغبات و العواطف التي تدفع بالمبدعين إلى التفكير في إبداع وسائل تحقق له الغاية المنشودة ، ومن هنا يكون الإبداع حالة نفسية .
ـ النقد :
ولكن هاته النظرية أهملت الجانب الإجتماعي الذي له تأثير كبير في صقل و تنمية مواهب الفرد ، وهذه النظرية لا تكفي وحدها لتفسير مشكلة الإبداع .
ـ الموقف الثالث : النظرية الإجتماعية :
يرى أصحاب هاته النظرية أن الإبداع و التخيل الإبداعي يعود بالدرجة الأولى إلى المجتمع و الذين من بينهم عالم الإجتماع : "دور كايم " لأن الإبداع في حد ذاته يتوقف على درجة النمو و التطور التي بلغها المجتمع منجهة ومن توفير الحاجيات من جهة أخرى ، فالإبداع لا يأتي إلا من ظروف حضارية معينة ، كما أن الإبداع هو حق إجتماعي يتناقله الأفراد جيلا بعد جيل فالفرد في نظر أصحاب هذه المدرسة هو من صنع إجتماعي وكل سلوكه إنتاج إجتماعي وهذا ما يدل عليه إستقراء التاريخ حيث يؤكد على أن جميع أو أغلب الإكتشافات العلمية في أوربا إنما تم إكتشافها في الوقت الذي عرف فيه المجتمع نهضة فكرية و علمية ، فالفنان و العالم و الباحث لا يبدعون لأنفسهم بل لحاجة المجتمع مثل إكتشاف : "كارنو" لقوانين الحرارة إنما كان لحاجة المصانع إلى تحسين مستوى إنتاجها
ـ النتيجة : ومن هنا يكون الإبداع إجتماعيا
ـ النقد :
صحيح أن العمل الإجتماعي له دور في عملية الإبداع غير أن هذه النظرية تجاهلت الخصائص الذاتية للفرد ، كما أن المجتمع في حد ذاته قد يصبح عائقا أمام الفرد المبدع ، وهذا بالضبط ما حدث ل: "سقراط" و "غاليلي" وكذاك العالم البيولوجي : "مندل" الذي بقيت بحوثه في الوراثة مدة كبيرة من الزمن دون إهتمام يذكر
النتيجة : نستنتج مما سبق أن الإبداع في حد ذاته هو نتاج إجتماع عوامل و شروط متعددة منها ما هو مادي و منها ما هو معنوي و منها ما هو إجتماعي .
الخاتمة :  نستنتج مما سبق أن الذاكرة و الخيال من القدرات النفسية و العقلية العليا ، وأن العلاقة بينهما هي علاقة تداخل من حيث الطبيعة و الوظيفة فهما يلتقيان في التخيل التمثيلي و يلتقيان في الوظيفة من حيث أنهما يتكاملان لتحقيق التكيف مع الموقف و الظروف الراهنة و تحقيق توازن الذات .
إنتهى:        

               بالتوفيق للجميع
درس في العادة والإرادة




المادة : فلسفة
النشاط : درس نظري
الموضوع : العادة و الإرادة
أ/ـ الوضعية المشكلة : تأمل الحوار التالي الذي دار بين مريض و طبيب مدخن :
المريض : لماذا تدخن يا دكتور و أنت تعلم أنه يضرك في صحتك ؟
الطبيب : أضنها عادة سيئة إستولت عليّ .
المريض : و كيف يمكن نزع هاته العادة ؟
الطبيب : عن طريق تعلم عادة إيجابية أخرى تحل مكانها .
المريض: و كيف يمكن تعلم عادة جديدة ؟
الطبيب : عن طريق الإرادة .
التعليمة : ما رأيك ؟
ب/ـ تحليل الوضعية :
ـ تدل الوضعية  على وجود حوار بين المريض و طبيبه على عادة التدخين
ـ تدل الوضعية كذلك على أن هناك من العادات ما له أبعاد سلبية و أخرى إيجابية
ـ تدل الوضعية على وجود علاقة بين العادة كفعل آلي  و الإرادة كفعل قصدي .
تحليل الوضعية :
من أجل إبداء الرأي يجب طرح الأسئلة التالية :
ـ ما مفههوم العادة .
ـ ما هي عوامل و شروط العادة .
ـ ما هي أنواعها .
ـ ما الفرق بين العادة و الغريزة .
ـ ما هي أبعاد العادة .
ـ ما مفهوم الإرادة .
ـ ما هي صفات و خصائص الفعل الإرادي .
ـ الإرادة قد تكون سلبية و قد تكون إيجابية .
ـ فما هي أبعادها .
ـ ما هو وجه العلاقة بين العادة و الإرادة .
× عناصر الدرس :
/ـالعادة كأداة للتكيف :
1/ـ مفهوم العادة :  هي قدرة مكتسبة على القيام بعمل ما بطريقة آلية مع الدقة و السرعة و الإقتصاد في الجهد .
2ـ أنواع العادات :
أ/ـ العادات الحركية :  وهي ما إكتسبه الفرد من عادات بدنية مثل : الكتابة باليد ، قيادة السيارة ، السباحة .......
ب/ـ العادات الإنفعالية : وهي التي تبرز في ميولات الأفراد و أذواقهم و طرق إنفعالاتهم مثل : طريقة الغضب ، الضحك ، الخوف من بعض الحشرات
ج/ـ العادات الإجتماعية : و هي التي تبرز في الوسط الإجتماعي ، يتفق عليها المجتمع مثل : طريقة الإحتفال ، التعود على نمط معين من التسمية ، أنواع الملابس ...
د/ـ العادات الفكرية : هي التعود على نمط معين من التفكير كتّعود على : ثقافة معينة ، التعصب للآراء .....
3/ـ عوامل إكتساب العادة :
أ/ـ عامل التكرار: لهذا يؤكد : "ثوروندايك"  أن التكرار هو أحد العوامل التي تقوي  الروابط العصبية بين المثيرات و الإستجابات ، و يسهل حدوث السلوك التكرار يؤدي إلى العكس .
ب/ـ العامل النفسي : حيث أن الميل و الإستعداد النفسي و الإهتمام بالأمر و الإنتباه إليه يعد من أهم الأوليات و الشروط لإكتساب عادة جديدة .
ج/ـ العامل الإجتماعي : فالمجتمع يعتبر الإطار العام الذي نكتسب منه عاداتنا مثل : العادات اللغوية ، و الإحتفالية والمهنية .......
4/ـ الفرق بين العادة و الغريزة : الفرق بين العادة و الغريزة جلي بحيث أن الأولى فعل مكتسب أما الثانية فهي جهاز فطري يولد الإنسان مزودا به ، أما عن الفروق المجودة في الفعلين فهي كما يلي :
أ/ـ أفعال العادة :
ـ أنه فعل تلقائي يتم بطريقة آلية أتوماتيكية .
ـ أنه فعل مكتسب عن طريق التعلم و التكرار .
ـ خاصية إنسانية .
ـ هي أفعال ترسخ في سلوكاتنا (أذهاننا) عن طريق التكرار .
ب/ـ أفعال الغريزة :
ـ هي أفعال فطرية تولد جاهزة مع الكائن .
ـ هي أفعال لها شكل واحد و ثابت عند جميع الأفراد .
ـ هي أفعال لا تتبدل و لا تتغير .
ـ هي خاصية يشترك فيها الإنسان مع الحيوان .
*أوجه التشابه :
ـ كلاهما يقتضي وجود ذات فاعلة و منفعلة .
ـ كلاهما فعل آلي .
ـ كلاهما يسعى إلى حفظ البقاء .
ـ كلاهما يسعى إلى تحقيق التكيف و التوازن .
*أوجه التداخل :
بين العادة و الغريزة تكامل وظيفي من حيث أنهما يتكاملان لتحقيق التوازن و التلائم و التكيف مع الظروف .
5/ـ هل العادة كفعل لها بعد سلبي أم إيجابي ؟
أ/ـ العادة سلبية : يرى كل من : "ديكارت" و "كانط" و "قوروندايك" و بافلوف"و "جون ستيوارت" و "سلولي برودوم" و "روسو" أن العادة سلوك يترتب عنه العديد من المساوئ ، تتمثل في ما يلي :
*أنها تؤدي إلى قتل روح المبادرة و الإبداع فهي تستبد بالفرد و تجعله عبدا لها .
*أنها تقضي على الفاعلية الفطرية و تقوي الفاعلية التلقائية فمثلا: الطالب في كلية الطب الذي تعود على عملية التشريح ، فبالعادة لا تتحرك مشاعره تجاه المريض الذي أمامه لهذا قال : "روسو" (العادة تقسّي القلوب ) وقال: (سلولي برودوم )( إن جميع الذين تستولي عليهم العادة يصبحون بوجوههم بشر و بحركاتهم آلات ).
*تؤدي إلى القضاء على الروح النقدية فمثلا : من تعود على نمط معين من المعيشة فلا يمكنه تغييره لتسلط العادة عليه .
*تؤدي إلى خطر الركود و السقوط في أفكار خاطئة لا يقوى الفرد على تغييرها لأنها أصبحت وليدة العادة ، رغم ثبات بطلانها من الناحية المنطقية أو العلمية أو حتى الدينية .
*العادة تؤدي إلى الموت كالذي إعتاد على :تعاطي المخدرات فإن نهايته لامحال تؤدي إلى الموت .
ـ النقد :
ليس كل العادات سلبية فهناك من العادات ما هو إيجابي مثل التعود على الإحسان إلى المحتاجين لأنه يؤدي إلى التماسك الإجتماعي .
ب/ـ العادة إيجابية : يرى كل من : "أرسطو" و "لايبينتز" و "جون ديوي" أن العادة سلوك إيجابي تترتب عنه العديد من المحاسن تتمثل فيما يلي :
*تؤدي إلى الإقتصاد في الوقت و الجهد فالمتعود على الكتابة على الآلة الراقنة ليس حاله بنفس حال المبتدئ .
*تؤدي إلى التكيف و التأقلم مع المحيط الإجتماعي فامعتاد على درجة حرارة معينة يسهل عليه التأقلم مع بيئته الحارة و الجافة .
*تؤدي إلى التحرر كالعامل في عمله ينجزه بإتقان فيتجنب ذلك بجميع الملاحظات السلبية التي يمكن أن تقدم له .
*أنها تؤدي إلى التماسك و التكافل الإجتماعي .مثل : العادات الإجتماعية.
*أنها تؤدي إلى التحرر من الأفعال الشاقة عل النفس : كالإنتباه و التركيز و تخفف من ضغط التفكير لهذا يقول : "جون ديوي" ( كل العادات تدفع إلى القيام بأنواع معينة من النشاط ، وهي تكون النفس و تحكم قيادة أفكارنا فنحدد ما يظهر منها و ما يقوى و ما ينبغي له أن يذهب من النور إلى الظلام ) .
ـ النقد :
ـ ليس كل العادات إيجابية بل هناك من العادات ما هو سلبي قد يؤدي إلى الهلاك و الموت .
النتيجة : نستنتج أن العدة لها وجهات أحدهما سلبي و الآخر إيجابي .
//ـ طبيعة الفعل الإرادي و خصوصية الإنسان :
أ/ـ مفهوم الإرادة : هي قدرة في الذات تتمثل في نزوعها نحو الفعل مع وعي الأسباب الصادرة عنها و العزم على الفعل أو الكف عنه .
ب/ـ شروط الفعل الإرادي :
1/ـ الشعور الوعي : فالأفعال الإرادية تقوم على الوعي و يوجهها القصد و الغاية منها .
2/ـ القدرة على الإختيار :  و هو شرط يظهر في عزم الذات على ثبات ذاتها و يقدرها على التنفيذ أو الترك ، فهو عبارة عن قرار شخصي و خاص .
3/ـ القدرة على المقاومة : فالفعل الإرادي لا بد له من مقاومة ذاتية ، وصراع داخلي تكبح جموح النفس المتمثلة في الميول و العواطف و الأهواء و ظبط النفس ، و القدرة على التحكم في الأفكار و تنظيمها و توجيهها .
ج/ـ صفات الفعل الإرادي :
1/ـ الفعل الإرادي قرار شخصي : فهو فعل خاص و متحرر من التأثيرات الغريزية بل هو فعل متأني و عزم ذاتي واضح الإختيار .
2/ـ الفعل الإرادي فعل واعي تأملي : بحيث أن صاحبه يدرك أسسه و الغاية منه وفق توجيه العقل و حضور الوعي .
3/ـ الفعل الإرادي سلوك جديد و مرن : فهو سلوك تكيفي  جديد ومنظّم وموّجه بدقة بحسب المواقف و ما تقتضيه من مواجهة .
*يظهر من الفعل الإرادي أنه أوقف أنواع السلوك الإنساني لأنه المجسد لحقيقة الإنسان العاقل و الكائن الواعي و القصدي .
4/ـ هل الإرادة كفعل لهاأبعاد سلبية أم إيجابية ؟
أ/ـ الإرادة سلبية : الفعل الإرادي يعيش في محيط تتنازعه الإنفعالات و الميولات و الأهواء مما يضع الأنسان في حالة من الصراع النفسي .
*كما أن الفعل الإرادي غالبا لا يستطيع مجابهة الرغبات و الميول مما يجعل الإنسان أمام حالة ضعف نفسية و يبرز نقاط ضعفه .
*إضافة إلى أن الفعل الإرادي إذا لم يتمكن من الإنجاز و التحقق على أرض الواقع فإنه يصبح عائقا أمام الإنسان في سبيل تحقيق التكيف الإيجابي .
*وقد يكون الفعل الإرادي مبرر للإنسان للرضا بأقل الأوضاع و الحالات .
ـ النقد :
ـ لكن هذا لا يعني أن الإرادة مجرد نقاط سلبية بل هي المعبرة عن تميز الإنسان و شخصيته الفريدة من نوعها .
ب/ـ الإرادة إيجابية : يرى أنصار الموقف الثاني أن الإرادة إيجابية ، وهذا إنطلاقا من أن الفعل الإرادي يعبر عن صميم ذاتنا و كامل شخصيتنا و قراراتنا الواعية ، كما أن الفعل الإرادي ليس فعلا اندفاعيا و لا تلقائيا بل هو فعل قصدي تجاه الأشياء تحدده الأسباب و المبررات الفعلية المبنية على التفكير و المناقشة ، إضافة إلى أن الفعل الإرادي يعبر عن أرقى أنواع التكيف ، ويعد من أهم العوامل التي تحقق الانسجام و التوافق بين الفرد و بيئته ، كما أن الفعل الإرادي قدرة على العمل و عزم على التنفيذ و حكمة في مواجهة مختلف المواقف .
النقد:
لكن هذا الوجه الإيجابي للإرادة لا يخفي بعض الجوانب السلبية لها فقد تكون معبرة عن ضعفنا و قلة حيلتنا.
///ـ العادة و الإرادة :
ما العلاقة بينهما ؟ و هل التمايز بين العادة و الإرادة يقتضي وجود فرق بينهما ؟
أ/ـ أوجه الاختلاف : *العادة تعني قدرة الفرد على أداء عمل ما بطريقة آلية ، أما الإرادة فتعني القصد إلى الفعل أو الترك مع وعي الأسباب .
*العادة سلوك آلي و روتيني خالي من الوعي بينما الإرادة مرتبطة بالوعي و هي فعل تأملي .
*العادة لا تتطلب جهدا فكريا بينما الإرادة تستدعي بذل الجهد الفكري لأنها تقوم على الوعي و إدراك الأسباب و الهدف منه .
*تتميز العادة بالرتابة بينما الإرادة بالتغير .
ب/ـ أوجه التشابه : *كلاهما يعتبر قدرة مكتسبة أو عمل مكتسب
*كلاهما يهدف إلى تحقيق التكيف و التأقلم التي تواجه الإنسان في حياته.
*كلاهما خاصية إنسانية .
*كلاهما عبارة عن سلوك يقوم به الإنسان قصد التغير .
ج/ـ أوجه التداخل : *الإرادة لها تأثير على العادة لأنها تعد من العوامل الرئيسية في تكوينها فالإنسان إذا أراد التعود على شيء ما فينبغي له أن يتحلى بالإرادة .
*كما أن العادة تؤثر على الإرادة في أنها تسعى إلى تثبيتها و تواصلها .
ـ النتيجة :
*العلاقة بين العادة و الإرادة علاقة تكامل من حيث الوظيفة و الطبيعة .
الخاتمة :
*العادة و الإرادة وظيفتان نفسيتان متصلتان مرتبطتان و يهدفان إلى تحقيق التكيف مع العالم الخارجي و مواجهة المواقف التي تعترض الإنسان .
إنتهى:                                       

                                                   بالتوفيق للجميع
صمم بكل من طرف: Salem-B